لم يكتفوا بكل ما اقترفته أياديهم بحق الفلسطينيين، فالأرواح والمنازل والبيوت أصبحت ضمن دائرة الاعتداءات اللا منتهية على يد مستعمري الضفة.
أشجار الزيتون لطالما أنّت تحت ظلم المستعمرين، فإما كان الحرق مصيرَها، او الاقتلاعُ على أيدٍ حاقدة كلُ همِها وأدُ الهوية الفلسطينية وما يمثلها على أرض الضفة المحتلة، فالشجرة هذه تمثل مصدر الرزق لدى مئات الآلاف من العائلات.
مئات بل آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة في الضفة المحتلة باتت ممنوعةً على أصحابها، فتذهب مواسم قطف الزيتون هباءً دون أن يتمكنوا من الاستفادة منها، فإما الجدار يؤرقهم أو اعتداءات المستعمرين تقفُ لهم بالمرصاد، او أسلحة جنود الاحتلال تكون الأقربَ لكسر آمالهم.
ومؤخراً وتتويجاً لكل الاعتداءات نشر المستعمرون على أرض الضفة ملصقات تدعو إلى تخريب موسم قطف الزيتون على الفلسطينيين، وكأنهم تركوا مجالاً لأي عائلة بالاستفادة من هذا الموسم، وكأن أياديهم لم تقَطع أو تَحرق عشرات الآلاف من أشجار الزيتون طوالَ سنينِ استيطانهم في الضفة.
تلك الملصقات دعت المستعمرين إلى سرقة الزيتون قبل أن يقطفه الفلسطينيون، كما شددت على ضرورة الاستعداد لمنع أي فلسطيني من الاقتراب من أي مستوطنة لقطف زيتونه، ولم يسلم المتضامنون الأجانب من روح العنصرية التي بثها المستعمرون في منشوراتهم، حيث دَعوْا إلى سرقة آلات التصوير منهم ومنعهم من مساعدة الفلسطينيين.
إذاً هي روح استبدادية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالزيتون يبقى لدى الفلسطينيين رمزاً للتجذر في الأرض والبقاء فيها مهما حصل، ودوْر عصابات المستعمرين يكمن في القضاء على هذا الرمز حتى لو استدعى الأمرُ أن يعلنوا نواياهم في منشورات، ولكنّ غباءهم التاريخي لم يعلّمهم بعدُ أن الفلسطيني لا يتركُ أرضه تحت أيٍ من أشكال القهر.