بقي العميل 'زكريا' وهو من سكان إحدى القرى الغربية لمحافظة بيت لحم لمدة عشرن عاما وأكثر يعمل لصالح خدمة 'الشاباك' الصهيوني، وعندما تخلى عنه وسلمه لأمن فتح بالضفة، اعتقل 27 يوماً فقط وأطلق سراحه ! .
وتكشف قصة أوردتها صحيفة 'يديعوت' أن 'العميل زكريا'هرب إلى الداخل المحتل متوقعا ممن جندوه من الاحتلال أن يوفروا له الحماية، لكنهم كما عادتهم يتخلون عن الخونة، رغم أنه أمضى عشرين عاما من عمره في الخيانة والعمالة العلنية، تم خلال استدعائه مرتين للتحقيق لساعات وإطلاق سراحه من أجهزة عباس عامي 1995 و 2000 م .
وبعد إعادة طلبه للتحقيق مؤخرا هرب المدعو زكريا بعد أن تسلق جدار الفصل العنصري حيث كان واضحاً له انه توجد على الجدار أجهزة إنذار وعدسة تصوير ولهذا انتظر دورية الجيش التي أخبرها أنه هارب من اعتقال السلطة ، ونقل بحسب الإجراءات إلى محطة الشرطة الصهيونية في بئر السبع.
وتنقل 'يديعوت' على لسان زكريا قوله: 'بعد تحقيق قصير لا يزيد على نصف ساعة، تم في جو جيد، أطلقني المحقق و قال لي إنني استطيع العودة إلى البيت، عدت من بئر السبع إلى مفرق 'شوكات' قاصداً السفر من هناك من طريق الخليل عائداً إلى بيتي، وبينما أنا كذلك أتت فجأة سيارة جيب للجيش ناداني أحد أفرادها باسمي، وابلغني بأن الجيش يريد الحديث إليَّ و طلب أن آتي معه'.
وتتابع 'يديعوت' :' نقلت سيارة الجيب زكريا إلى موقع عسكري قرب بلدة 'شكيف' ليظهر فجأة ضابط درزي يخدم بصحبة ضابط 'إسرائيلي' حيث طلبا منه أن يستقل سيارتهما حتى دخلوا أراضي الضفة في شارع قرب مستوطنة 'نغوهوت''.
ويتابع زكريا :'سألت الضابط إلى أين نسافر؟، وقال لي آنذاك فقط: 'نحن نوشك أن نسلمك للشرطة الفلسطينية'، بدأت أجادل، وأسأل لماذا آنذاك قال لي الضابط 'الإسرائيلي': 'لا أستطيع مساعدتك، هذه هي الأوامر التي تلقيناها من أعلى، وحينما كنا ما نزال نتجادل أتت سيارتا جيب لجهاز الأمن العام الفلسطيني، شعرت بالسوء، خفت وحرت'.
ويشير المراسل العسكري لـ'يديعوت' أن 'الكلمات التي قالها الضابط 'الإسرائيلي' لازالت تدوي في رأس زكريا حيث لا يصدق أن من عمل صالحهم خانوه'، وينقل عنه قوله بغضب: 'اسودت الدنيا في عيني ولم أصدق أن يحدث هذا لي'.
وتتابع 'يديعوت':'نقل زكريا إلى أيدي السلطة وأخذ للتحقيق معه في السجن الفلسطيني، احتجز مدة 27 يوماً في زنزانة وجرت عليه تحقيقات كثيفة تتعلق بعلاقته بـ'إسرائيل'، حيث أنكر التهم الموجهة إليه وقبل بضعة أيام أطلقوه بكفالة مالية عالية ودعي للمحاكمة بتهمة الخيانة'.
وتلفت الصحيفة الصهيونية النظر إلى أن حالة زكريا أخلت بأمن المتعاونين مع الأجهزة الأمنية 'الإسرائيلية'، مضيفةً:' كان واضحاً لكل فلسطيني اشتبه في أنه تعاون مع 'إسرائيل'، حتى تسليم زكريا انه إذا طارده جهاز أمن فلسطيني فسيحصل على مساعدة وحماية من مشغليه'.
وهذا يطرح السؤال عن دور أجهزة عباس بالضفة في ملاحقة العملاء، فاحتجاز عميل أقر بأنه أمضى عشرين عاما في التجسس مدة 27 سوما فقط ومن ثم الإفراج عنه، عن مدى التنسيق المتواصل بين الاجهزة، ومسرحية الملاحقة التي يخرج فيها العميل ليمارس عمله وحياته، فهل هذه مسرحية جديدة من التنسيق ! .
وكانت تقرير صحفي نشرته صحيفة عبرية كشف عن أن أجهزة السلطة بالضفة تعتقل 40 عميلا فقط بالضفة الغربية، في مقابل اعتقال أكثر من 880 مقاوما ومجاهدا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي وتصدر عليهم أحكاما قاسية تتراوح بين العام والسبعة أعوام، مقابل إطلاق سراح العملاء .
كما تكشف هذه التقارير مدى قيمة العميل لدى الاحتلال وحجمه في الاستغناء عنه مقابل حجم الخدمات التي يقدمها له، من خلال تركه ومصيره الأسود، لعله يكون عبرة لمن بقوا علانية وسرية .