سلســلة// أخـي ... ماذا قدمتَ لدينِ الــلــه

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن وله الثناء الجميل , وأشهد الا إله إلا الله وحده لاشريك له ,
وأشهد أن محمداً عبد اللهِ ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ,وجمع الله به الأمة وكشف الله رب العالمين به الغمة , وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين , فصلى اللهم وسلم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى أله وصحبه الأطهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ....


أقدم لكم في هذا الموضوع سلسلة بعنوان


أخي ... ماذا قدمت لخدمة دين الله؟؟

أسأل الله أن يوفقني لإتمامها وأن تكون خالصة لوجهه الكريم ..

وأردت من هذه السلسلة أن اسرد بعضاً من مواقف السلف الصالح بداية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومروراً بالصحب الكرام ثم التابعين وتابعيهم بإحسان ...

وهذه المواقف التي تظهر لنا تضحيات السلف التي قدموها لخدمة دين الله تعالى وحتى نقارن ذلك بما نحن فيه الآن من تقصير ولاحول ولاقوة إلابالله , وحتى تكون عوناً لنا على مواصلة السير إلى الله تعالى , وكذا تكون باعثاً لعلو الهمة التي انتكست في أيامنا هذه...

والله وحده المستعان وعليه وحده التكلان..
وأسأله جل وعلا التوفيق والرشاد والسداد ,
وأن بغفر لنا تقصيرنا وزللنا فإنه القادر على الجليل والجلل....
الموقف الأول

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :
" صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الصَّفَا ، فَقَالَ : يَا صَبَاحَاهُ ، قَالَ : فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ ، فَقَالُوا لَهُ : مَا لَكَ ؟ فَقَالَ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ ، أَوْ مُمَسِّيكُمْ ، أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا دَعَوْتَنَا جَمِيعًا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ سورة المسد آية 1 إِلَى آخِرِهَا
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ..............................................


تدبر أخيه في هذا الحديث جيداً بارك الله فيك
إمتثل النبي صلى الله عليه وسلم
عندما نزل قول الله تعالى :
{ وأنذر عشيرتك الأقربين } سورة الشعراء.

فبدأ ينذر الأقرباء ويدعوهم الى الله جل وعلا
فما كان من أبي لهب إلا أن أساء للنبي الكريم وسبه
وأدعى عليه الجنون والكذب والسحر وانه شاعر..


النبي صلى الله عليه وسلم يسير في الطرقات يقول للناس
{ قولوا لا إله إلا الله تفلحوا }

وخلفه أقرب الناس اليه عمه أبو لهب يقول لاتصدقوه إنه صابئ كاذب وقيل أنه كان يرميه بالحجارة أيضاً .
فالله المستعان وعليه وحده التكلان ... لن يكِل النبي أو يتعب وخاصةً أن الذي يعاديه
هو أقرب الناس إليه ..

واستمر صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله والتقديم
والبذل والعطاء لخدمة دين الله ...
فماذا قدمنـــا نحن لدين الله ؟؟؟؟

الموقف الثاني



عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَهُوَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ : " كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ قَدْ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيتَهُ ، وَأَدْمَوْا وَجْهَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ سورة آل عمران آية 128 " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ
............................


النبي صلى الله عليه وسلم يُؤذى إيذاءاً شديدأ في غزوة أحد حتى جُرِِح وجهه وكُسِرت رباعيته
وسال الدم على وجهه بأبي هو وأمي ,
وما فُعِل به ذلك إلا أنه يدعوهم لعبادة الله وحده
وترك الشرك والكفر وعبادة الأوثان والأصنام ..
وفقد كثير من أصحابه قيل سبعون من الصحابة
منهم حمزة بن عبدالمطلب عم النبي ..
ومع ذلك استمر النبي في دعوتهم والدعاء لهم

( اللهم اهدي قومي فإنهم لايعلمون )..
سبحان الله .. كم ضحى النبي بنفسه
لخدمة دين الله تعالى ...

الموقف الثالث

(حديث مرفوع) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سمعت عُمَرَ ، يَقُولُ : " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ ، وَوَافَقَ ذَلِكَ مَالا عِنْدِي ، فَقُلْتُ : الْيَوْمُ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا ، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ؟ " , قُلْتُ : مِثْلَهُ ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ لَهُ : " يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ؟ " , قَالَ : أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا " .



سبحان الله أخي الكريم
تأمل أخيه هذا الموقف !!!
تأمل أخيه هذه المسارعة والمسابقة بين كبار الصحابه !!!
هل سارعت أنت في عمل الخير يوماً ما؟؟
هل تصدقت بأحب الأشياء إليك ؟؟
هل قرأت قول الله تعالى
( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ؟؟
هل قرأت قول الله تعالى
( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين )؟؟
أخي تأمل كيف ضحى أبوبكر بماله كله ؟؟
وكيف ضحى عمر بنصف ماله ؟؟
وتأمل في هذا اليقين بالله عز وجل ..
قال أبو بكر ( تركت لهم الله ورسوله )
يقين بما عند الله عز وجل ...
ونحن ما مستوى يقيننا بالله ... فالله المستعان !!!
لماذا كل هذا ؟؟ خدمة لدين الله تعالى !!
الموقف الرابع

قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )

قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

أقرأ أخي وتأمل جيدا في هذه المواقف !!
كم ضحى أبو بكر من أجل رفعة الدين !!
كم بذل لخدمة دين الله تعالى !!
كم ضحى بماله ونفسه بل بأهله !!
سبحان الله ... فعلاً رجال صدقوا مع الله فأعزهم الله ..
أما نحن فماذا قدمنا لدين الله تعالى ؟؟؟
الموقــف الخــــامـــس
كم كنا سنخسر لو لم يقف ذاك الرجل كالجبل الشامخ في وجه عواصف الفتن ، وكم كان سيخسر العالم بأسره لو ضعف ذاك الرجل وانكسر للواقع الذي سقط عليه بلا مقدمات ، نعم كم كنا سنخسر وكم كان تاريخ الاسلام وحضارة الاسلام بل تاريخ الانسانية وحضارتها كم كانت ستخسر لو تنازل ذلك الرجل عن قناعاته تحت ضغط الواقع والمتغيرات ، سيما وقد وجد نفسه وحيدا ووجد بعض من حوله ينصحونه بالعدول عن موقفه ، ولكنه ثبت ، وبثباته ثبت الاسلام والمسلمون من بعده ، وبثباته حافظ على مسيرة المد الاسلامي العالمي واكمل المهمة الثقيلة التي ورثها عن رسول الله & ، اتدرون من هو ؟! انه ابو بكر الصديق - رضي الله عنه-

فلما مات رسول الله عظم الخطب واشتد الحال ، ونجم النفاق بالمدينة ، وارتد من ارتد من احياء العرب حول المدينة ، وامتنع آخرون من اداء الزكاة الى الصديق ، ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة ، وها هي ام المومنين عائشة - رضي الله عنها - تصف لنا ذاك الظرف العصيب فتقول : » لما قبض رسول الله & ارتدت العرب قاطبة واشربت النفاق ، والله لقد نزل بي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها ، وصار اصحاب محمد كأنهم معزى مطيرة في حشد في ليلة مطيرة بارض مسبعة ، فوالله ما اختلفوا في نقطة الا طار ابي - اي ابو بكر - رضي الله عنه - بخطلها وعنانها وفصلها « .

وحتى نتصور هول الابتلاء الذي وقع على الصحابة - رضي الله عنهم يومها ، هذا ابو هريرة - رضي الله عنه - يقول : » والله الذي لا إله الا هو لولا ان ابا بكر استخلف ما عُبِدَ الله « ، وما زاد الطين بلة ظهور موجة مدعيي العلم المحرفين لكتاب الله تعالى والمعطلين لسنة الرسول & الذين يظهرون عادة مع كل فتنة كانت او هي كائنة حتى قيام الساعة !!


نعم ظهر هؤلاء الادعياء الزنادقة وراحوا يحرضون الناس على هدم الاسلام وتعطيل احكامه باسلوب خبيث لئيم !! كيف ؟ قدموا الى ) المدينة المنورة ( على ساكنها افضل الصلاة والسلام - ثم راحوا يصلون مع الناس ويعلنون امتناعهم عن دفع الزكاة وراحوا يحتجون بقوله تعالى } خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم ...{ فقالوا لسنا ندفع زكاتنا الا الى من صلاته سكن لنا !! وهكذا انتصروا لهواهم وحرفوا كتاب الله تعالى وضلوا وأضلوا وساقوا خلفهم من العرب من سقط في الفتنة معهم !! وراحت الفتنة تشتد طولا وعرضا ولا تدع احدا من بيوت العرب الا دخلت عليه فسقط من سقط وثبت من ثبت !!

، فعن سيف بن عمر عن هشام بن عروة عن ابيه قال : » لما بويع ابو بكر وجمع الانصار في الامر الذي افترقوا فيه ، قال : ليتمّ بعث اسامة وقد ارتدت العرب اما عامة واما خاصة ، في كل قبيلة ، ونجم النفاق ، واشرأبت اليهودية والنصرانية ، والمسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ، لفقد نبيهم & ، وقلتهم وكثرة عدوهم «


ارتدت العرب عن وفاة الرسول & ما خلا اهل المسجدين ، مكة والمدينة ، وارتدت اسد وغطفان وعليهم طليحة بن خويلد الاسدي الكاهن ، وارتدت كِنْده ومن يليها وعليهم الاشعث بن قيس الكندي ،


فماذا يفعل ابو بكر الصديق - رضي الله عنه - ازاء كل ذلك ؟! بل من اين يبدأ في مواجهة كل هذه المعضلات ؟! وما هو سلم الأولويات الذي اختاره الصديق - رضي الله عنه- بداية اؤكد ان ابا بكر الصديق - رضي الله عنه - بعد توكله على الله تعالى في مواجهة كل ذلك اختار ان يحفظ كل امر كان قد امر به رسول الله قبل وفاته وان ينفذ ذاك الأمر مهما كان الثمن ، وذلك وفاء لرسول الله & وحبا له واقتداء به واهتداء بهديه ويقينا ان الخير كل الخير في طريق رسول الله & ، فقد اشار كثير من الناس على الصديق ان لا ينفذ جيش اسامة الذين كانوا قد امرهم رسول الله & بالسير الى تخوم البلقاء من الشام ، وذلك لاحتياجه إليهم فيما هو أهم ، وكان من جملة من اشار بذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فامتنع الصدّيق - رضي الله عنه - من ذلك ، وابى اشد الأباء ، الا ان ينفذ جيش اسامة ، وقال : ) والله لا احل عقدة عقدها رسول الله & ، ولو ان الطير تخطفنا ، والسباع من حول المدينة ، ولو ان الكلاب جرت بأرجل امهات المؤمنين لاجهزن جيش اسامة وآمر الحرس يكونون حول المدينة ( !! وهكذا حسم الصديق - رضي الله عنه - الموقف واخرج الصحابة من فتنة الجدل والقيل والقال وانفذ جيش اسامة !! وهو يعلم خطورة الظرف الذي طوقه من كل جانب تطوق الاسورة المعصم !


وصبر الصحابة في هذا الموطن صبرا لم يعهد مثله ، ولم يزالوا يتقدمون الى نحور عدوهم حتى فتح الله عليهم وولى المرتدون الادبار ، وهكذا قمع الصديق - رضي الله عنه - ورم المرتدين السرطاني من منابته الفاسدة واجتث ساق حقدهم واقتلع جذور أوهامهم التي كانت تسعى الى اطفاء نور الله !! نعم انه ابو بكر الصديق - رضي الله عنه - ولا فخر !! انه ثاني اثنين اذ هما في الغار !! انه نعم رجل الموقف في موقف الرجل !! انه نعم الثابت في موقف الثبات ، ونعم الصابر في موقف الصبر ، ونعم المضحي في موقف التضحية ، ونعم الموقن في موقف اليقين !! تصوروا كم كنا سنخسر لولا مواقف ابي بكر !! وتذكروا اننا امام فتن دهماء لا تدع احدا منا الا لطمته لطمة !! انها قادمة مسرعة تموج موج البحر وتهيج هيجان الثور ، فوطنوا انفسكم على موقف نتعلمه من ابي بكر الصديق - رضي الله عنه - ثم اسألوا الله تعالى الثبات .




وهــكــــذا تحقـــق النصــــر للأمــــــة .. وهكـــذا انتصــر ديــــن االلــــه ....