: السيرة الذاتيةالامين العام للحركة المقاومة شعبية للشهيد الشيخ أبو يوسف القوقا

السيرة الذاتية للشهيد الشيخ أبو يوسف القوقا

ولد الشهيد أبو يوسف القوقا في منزل متواضع بمخيم الشاطئ عام 1962لعائلة فلسطينية فقيرة هاجرت من بلدة حمامة المدمرة على أيدي عصابات الهاجاناة الصهيونية عام 48م, واشتد عود الفتى "العبد" وسط عائلة شهد لها بتدينها الشديد والتزام المساجد ومجالس الذكر و القرءان ,وهو ما ورثه عن والده الحاج يوسف القوقا .

فتأثر كثيرا بحكايات والده عن البلدة التي هجرت منها العائلة , درس أبو يوسف في مدارس وكالة الغوث , وأتم دراسة الثانوية من مدرسة الكرمل بغزة ثم انتقل إلى جمهورية مصر العربية ليحصل على بكالوريوس لغة عربية من كلية الآداب التابعة لجامعة بيروت العربية فرع الإسكندرية وبحسب رواية أخاه رجب , كان العبد القوقا يقطع دراسته في الإسكندرية ليعود إلى غزة ليساعد عائلته الفقيرة , للعمل في مهنة الصيد بعد أن هرم والده وبات غير قادر على العمل , فدفعه ذلك وهو ابرز واكبر أبنائه , أن يحمل هم أسرته على كاهله , ليذهب ليصطاد في بحر غزة حال كل عائلات مخيم الشاطيء المحاذي لبحر المدينة .

فعرف عن الشاب العبد إقدامه وشجاعته , ومعرفته بأسرار الصيد وأماكنه الدقيقة , حتى ذهب بعيدا عن رفاقه الصيادين في اختيار أماكن أكثر خطرا , تعرض خلالها لمضايقات ومحاولات إطلاق نار من قبل خفر السواحل التابع لجيش الاحتلال. حتى أن الصيادين كانوا يتتبعون أثاره في عرض البحر ليتعلموا منه أسلوبه في الصيد والأماكن التي يتواجد فيها. فكان يوزع ما اكتسبه من رزق البحر , لسداد دين العائلة والإنفاق عليها والادخار لدفع تكاليف دراسته وإقامته , واستمر هكذا إلى أن تخرج من الجامعة .

الانتفاضة الأولى كانت النواة الحقيقية لانطلاقة القائد أبو يوسف القوقا, لتكون بذلك الميدان الذي انطلق فيه الفارس ليحقق ذاته بفاعليه على الصعيد الجماهيري والعسكري .فمن توزيع منشورات الانتفاضة, والكتابة على الجدران , ورشق جنود الاحتلال بالحجارة ,وردع الفاسدين والعملاء في غزة , حتى قاد حركة فتح في مدينة غزة آنذاك برفقة سمير المشهراوي الذي خانته سيرته الوطنية ليكون احد أقطاب التيار الخياني في فتح بل وينقلب من احد أصدقاء الشيخ أبو يوسف لأحد أكثر الشخصيات عداوة .

وبمتابعة جيش الاحتلال لنشاط القوقا البارز في قيادة أحداث انتفاضة الحجارة , حتى سارع الجيش لاعتقاله , لكنه رفض تسليمه , حتى خرج من قطاع غزة بعد فترة مطاردة من قبل الجيش الصهيوني. قطع أبو يوسف ما بين رفح والأراضي المصرية سباحة دون أن يستخدما قاربا يقله , كي لا يلفت الأنظار إليه ورفيق دربه حسام عبد ربه الذي لم يقوى على السباحة في منتصف الطريق حتى كان يسبح ويحمل رفيقه بين ذراعيه إلى أن وصلا إلى الشواطئ المصرية ليحلا ضيوفا على "خليل القوقا" أبو إياس احد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين .

وخلال فترة مكوثه في القاهرة اعتقلته المخابرات المصرية مطلع عام 89م, واعتقله ثمانية شهور حتى تم ترحيله إلى الجزائر التي وصلها عام 92 ,ليكتشف فساد رفقاء السلاح في فتح, خاصة بعد معرفته بقضية تسليم مطاردي الدوريات ,ليتعرف بالجزائر على محمد دحلان , ويعايش فترة نشوء علاقة الأخير بالرئيس الراحل أبو عمار , حيث رفض أبو يوسف العمل معه بعد اكتشاف فساده وما كان يحيكه من مؤامرة ضد المطاردين الذين تركوا غزة عنّوة من أمثال الشهيد فتحي أبو غالي وجمال أبو سمهدانة .

أدى ذلك إلى قيام الحركة بقطع راتبه برفقة الشهيد جمال أبو سمهدانة "أبو عطايا" الأمين العام للجان المقاومة الشعبية لاحقا, فكان رد القوقا وأبو سمهدانة بمهاجمة السفارة الفلسطينية في الجزائر ما أدى إلى اعتقالهما .

ليعود ليمارس هواية الصيد أثناء مكوثه في الجزائر, حتى عاد مع بدء وفود السلطة بالعودة إلى قطاع غزة عام 1994, بعد قيام دحلان عمدا بتأخير عودته ليكون من آخر الذين وصلوا إلى قطاع غزة .

وقد تعمقت صلات أبو يوسف بجبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر وزاد التزامه الديني الشديد واعتنقاه للفكر الإسلامي الجهادي ليعتزل حركة فتح تدريجيا لينمو بداخله من جديد شعلة الإسلام والعمل لدين الله .وفور عودة القوقا إلى قطاع غزة , اقترب كثيرا من الحركة الإسلامي ورافق كبار القادة العسكريين في كتائب القسام نذكر منهم الشهيد يحيي عياش , الشهيد أبو بلال الغول (عدنان) , الشهيد سعد العرابيد , والقائد العام للقسام محمد الضيف". حتى قال عنه المهندس يحيى عياش" كلما رأيت أبو يوسف القوقا يرتاح قلبي له ".

فأحبه الله وأحبه الشهداء ,فأوى الشهداء إلى منزله وجعله لهم مخبئا بعيدا عن عيون أجهزة سلطة اوسلو التي وجهت ضرباتها وملاحقتها للمطاردين من أبناء القسام وحماس , ما كان له بالغ الأثر بتوطيد علاقاته أكثر فأكثر بالمهندس عدنان الغول .

وباعتباره مازال من قادة فتح أمام العلن فقط ترأس الشيخ القوقا وفد للوساطة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية فترة الهجوم على حركة حماس عام 96 ما جعله محط أنظار أجهزة السلطة والكيان الصهيوني , ما أدى إلى مراقبة منزله وهاتفه الخليوي في تلك الفترة .ويسرد المقربون من القوقا انه :"تلقى عرضا من القائد العام للقسام محمد الضيف أن يكون احد ثلاثة يقودوا القسام في قطاع غزة .

لم يترك أبو يوسف موطنا للجهاد في فلسطين إلا وطأت أقدامه أرضه حتى شارك في هبة النفق عام 1997م, وعاد يومها بزي المجاهد الغازي في سبيل الله ثيابه متسخة تعلوها الأتربة , واخبرنا بأنه قد قنص مجموعة من جنود الاحتلال في معبر ايرز.

فكان نصيبه ومكافئاته من سلطة "الذل والعار" اعتقال وصل لأكثر من ستة مرات متتعاقبة على أيدي جهاز الأمن الوقائي البائد ,

نذكر منها:

1- ثمانية شهور بعد تصنيعه قنابل يدوية .

2- شهرين , لإيوائه مطاردين من قيادة القسام .

وأربع مرات أخرى على خلفية قيادته لجان المقاومة الشعبية , رغم عمله في جهاز الأمن الوقائي .حتى اكتشف مخطط لاغتيال عدد من قادة القسام كان قد وضعه نبيل طموس لاغتيال كمال كحيل .

ومع اشتعال جذوة الانتفاضة الحالية انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000 أسس أبو يوسف لجان المقاومة الشعبية في فلسطين واختار اسم جناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين برفقة الشيخ إسماعيل أبو القمصان كفصيل مقاوم في المنطقة الوسطى ومدينة غزة وشمال القطاع ساعياً لطرد المحتل والدفاع عن الشعب في ظل تصاعد وتيرة العدوان الغاشم عليه آنذاك وتوجه للمنطقة الجنوبية من القطاع وعرض على إخوانه فكرة إنشاء إطار كفاحي جهادي جامع فتم له ذلك. بعد طرحها كفكرة على كافة أبناء حركة فتح , الذين منهم من انخرط في صفوف اللجان , وعملوا على تطويرها وإبرازها كتنظيم جهادي .

و قد أوكلت ألوية الناصر صلاح الدين قيادتها إلى أبو يوسف الذي يعرف بأنه أكثر ميلا للمقاومة على حساب العمل السياسي وهذا ما يفسر قلة ظهوره الإعلامي .

وكان دور القوقا صبغ هذا التنظيم الجهادي المستجد بالصبغة الإسلامية , حتى تحالف مع الحركة الإسلامية لمحاربة عدو الإسلام الأول" اليهود , وكل من يحارب دين الله , ويعتدي على الأرض والمقدسات الإسلامية في فلسطين .

فحاولت السلطة أن تقضى على اللجان وتهديد قادتها , وعناصرها بضرورة العودة إلى فتح وترك المقاومة .

مثل العامين الأولين للانتفاضة الفلسطينية ذروة عمل ألوية الناصر صلاح الدين, عبر أربع عمليات نوعية و متتالية لتفجير الدبابة الصهيونية الشهيرة " الميركافاه " حيث قتل خلالها عدد كبير من الجنود الإسرائيليين الأمر الذي وضع قادة الألوية في دائرة الاستهداف الصهيوني المتواصل .وبحسب أحد المقربين للقوقا فان أبو يوسف كان أحد أبرز مهندسي عمليات الميركافاه والشخص الذي أشرف شخصيا على هذه العمليات المتتالية وهو من استطاع هندسة وتصميم العبوة المستخدمة بتدمير الميركافا بمحررة نتساريم .

ومع تطور العمل العسكري للمقاومة وصعوبة الاستهداف للدبابات الصهيونية وزيادة التحصينات فقد دخلت الفصائل الفلسطينية في مرحلة تصنيع الصواريخ .وكان للألوية نصيب في هذا المجال عبر تصنيعها لصواريخ الناصر بمراحله الثلاث المختلفة حيث يؤكد قادة الألوية أن أبو يوسف الذي يرغب كثيرا في لبس الزى العسكري كان له الفضل في تصنيع صاروخ" ناصر ثلاثة "الذي لم تنفك ألوية الناصر من إطلاقه على البلدات الصهيونية.

و تعرض الشيخ القوقا خلال الانتفاضة لخمس محاولات اغتيال كادت أن تنال منه بدأت باستهداف سيارته في حي الزيتون شرق مدينة غزة ثم باستهداف منزله مرتين على التوالي من خلال طائرات الاباتشي والزوارق الحربية ونجا من جميعها كما أن اسمه برز في معظم قوائم المطلوبين الفلسطينيين في قطاع غزة .

اشتعلت حرب الأدمغة بين الاحتلال وبين أبو يوسف , فعقب اندحار العدو من قطاع غزة تفرغ أبو يوسف بالكامل بالتخطيط لنقل المعركة للضفة الغربية بل وبنقل مهارة التصنيع الحربي وتصنيع الصواريخ للمجاهدين هناك . ولعل أبرز تلك المحاولات هي خلية بيت لحمن والتي كادت ان تنجح ولأول مرة بقصف مغتصبة جيلو المحاذية للقدس بقذائف الهاون . وهنا أشار الاحتلال على رأس أبو يوسف متهما إياه بالوقوف وراء أكثر من خلية نائمة لألوية الناصر بالضفة الغربية الأمر الذي زاد من شعور القوقا بالملاحقة والاستهداف على الدوام .

في الجمعة الأخيرة من شهر مارس لعام 2006م اتشحت فلسطين بالسواد بعد تناقل المواطنون نبأ استشهاد فارس المقاومة الفلسطيني ونبراسها الشيخ أبو يوسف القوقا , حيث اختاره ربه إلى جواره في يوم من أيام الله وقد نجح الكيان الصهيوني ومن لف لفيفه بالوصول لأبي يوسف عبر أن زرع عملائه الساقطين لسيارة مفخخة انفجرت أثناء مرور أبو يوسف بالقرب منها متجها لمسجد مرج لزهور خلف جامعة القدس المفتوحة وسط مدينة غزة لأداء صلاة الجمعة.

رحمك الله يا قائدن ابو يوسف القوقا