وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ريياه: أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله))(34) متفق عليه.
الشرح
وفي لفظ للحديث : (( ويقاتل ليري مكانة؛ أي ذلك في سبيل الله قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)).
قوله: (( من قاتل لتكون)) في هذا إخلاص النية لله - عز وجل- وهذا الذي ساق المؤلف الحديث من أجله؛ إخلاص النية.
فد سئل الرسول صلي الله عليه وسلم عن الذي يقاتل على أحد الوجوه الثلاثة! شجاعة، وحمية، وليري مكانة.
أما الذي يقاتل شجاعة: فمعناه أنه رجل شجاع، يحب القتال؛ لأن الرجل الشجاع متصف بالشجاعة، والشجاعة لابد لها من ميدان تظهر فيه، فتجد الشجاع يحب أن الله ييسر له قتالاً ويظهر شجاعته، فهو يقاتل لأنه شجاع يحب القتال.
الثاني: يقاتل حمية: حمية على قوميته، حمية على قبيلته، حمية على وطنه، حمية لأي عصبية كانت.
الثالث: يقاتل ليري مكانه: أي ليراه الناس ويعرفوا أنه شجاع ، فعدل النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك، وقال كلمة موجزة ميزاناً للقتال فقال: (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)).
وعدل النبي عليه الصلاة والسلام عن ذكر هذه الثلاثة؛ ليكون أعم واشمل؛ لأن الرجل ربما يقاتل من أجل الاستيلاء على الأوطان والبلدان، يقاتل من أجل أن يحصل علي امرأة يسبيها من هؤلاء القوم، والنيات لا حد لها، لكن هذا الميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام ميزان تام وعدل، ومن هنا نعلم أنه يجب ان تعدل اللهجة التي يتفوه بها اليوم كثير من الناس.
ولذلك ؛ على الرغم من قوة الدعاية للقومية العربية لم نستفد منها شيئاً، فاليهود استولوا على بلادنا ، ونحن تفككنا، دخل في ميزان هذه القومية قوم كفار؛ من النصاري وغير النصاري، وخرج منها قوم مسلمون من غير العرب ، فخسرنا ملايين العالم، ملايين الناس؛ من أجل هذه القومية ، ودخل فيها قوم لا خير فيهم، قوم إذا دخلوا في شيء كتب عليه الخذلان والخسارة.
واللهجة الثانية: قوم يقاتلون للوطن، ونحن إذا قاتلنا من أجل الوطن؛ لم يكن هناك فرق بين قتالنا وبين قتال الكافر عن وطنه. حتى الكافر يقاتل عن وطنه ويدافع عن وطنه.
والذي يقتل من أجل الدفاع عن الوطن _ فقط- ليس بشهيد. ولك الواجب علينا ونحن مسلمون وفي بلد إسلامي- ولله الحمد- ونسأل الله أن يثبتنا علي ذلك، الواجب أن نقاتل من أجل لإسلام في بلادنا، وانتبه للفرق ؛ نقاتل من أجل الإسلام في بلادنا، فنحمي الإسلام الذي في بلادنا، ونحمي الإسلام، لو كنا في أقصي الشرق أو الغرب. لو كانت بلادنا في أقصي الشرق أو الغرب قاتلنا من أجل الإسلام في وطنا أو من أجل وطننا لأنه غسلامي؛ ندافع عن الإسلام الذي فيه.
أما مجرد الوطنية فإنها نية باطلة لا تفيد الإنسان شيئاً ، ولا فرق بين الإنسان الذي يقول إنه مسلم والإنسان الذي يقول إنه كافر؛ إذا كان القتال من أجل الوطن لأنه وطن.
والذي يقتل من أجل الدفاع عن الوطن - فقط - ليس بشهيد. ولكن الواجب علينا ونحن مسلمون وفي بلد إسلامي - ولله الحمد- ونسأل الله أن يثبتنا علي ذلك، الواجب أن نقاتل من أجل الإسلام في بلادنا، وانتبه للفرق، نقاتل من أجل الإسلام في بلادنا، فنحمي الإسلام الذي في أقصي الشرق أو الغرب قاتلنا للإسلام وليس لوطننا فقك، فيجب أن تصحح هذه اللهجة ، فيقال : نحن نقاتل من أجل الإسلام في وطننا أو من أجل وطننا لأنه إسلامي؛ ندافع عن الإسلام الذي فيه.
أما مجرد الوطنية فإنها نية باطلة لا تفيد الإنسان شيئاً ، ولا فرق بين الإنسان الذي يقول إنه مسلم والإنسان الذي يقول إنه كافر؛ إذا كان القتال من أجل الوطن لأنه وطن.
وما يذكر من أن (( حب الوطن من الإيمان)) وأن ذلك حديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم كذب(35).
حب الوطن إن كان لأنه وطن إسلامي فهذا تحبه لأنه إسلامي.ولا فرق بين وطنك الذي هو مسقط رأسك، أو الوطن البعيد من بلاد المسلمين؛ كلها وطن الإسلام يجب أن نحميه.
علي كل حال يجب أن نعلم أن النية الصحيحة هي أن نقاتل من أجل الدفاع عن الإسلام في بلدنا ، أو من أجل وطننا لأنه وطن إسلامي، لا لمجرد الوطنية.
أما قتال الدفاع أي: لو أن أحداً صال عليك في بيتك، يريد أخذ مالك، أو يريد أن ينتهك عرض أهلك - مثلا- فإنك تقاتله كما أمرك بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فقد سئل عن الرجل يأتيه الإنسان ويقول له: أعطني مالك؟ قال: (( لا تعطه مالك قال : أرأيت إن قتلتله؟ قال: قاتله. قال: أرايت إن قتلني ؟ قال: فأنت شهيد قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار!!))(36) ؛ لأنه معتد ظالم؛ حتى وإن كان مسلماً ، إذا جاءك المسلم يريد أن يقاتلك من أجل أن يخرجك من بلدك، أو من بيتك فقاتله، فإن قتلته فهو في النار، وإن قتلك فأنت شهيد، ولا تقل كيف أقتل مسلماً؟ فهو المعتدي، ولو كتفنا أيدينا أمام المعتدين الظالمين الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا ديناً؛ لكان المعتدون لهم السلطة، ولأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، ولذلك نقول: هذه المسألة ليست من باب قتال الطلب .
قتال الطلب: معلوم أنني لا أذهب أقاتل مسلماً أطلبه ، ولكن أدفع عن نفسي ، ومالي، وأهلي، ولو كان مؤمنا؛ مع أنه لا يمكن أبدا أن تكون شخص معه إيمان يقدم على مسلم يقاتله ليستولي على أهله وماله أبدا.
ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر))(37) لا إيمان لإنسان يقاتل المسلمين إطلاقاً النبي صلي الله عليه وسلم فإذا كان الرجل فاقداً الإيمان، أو ناقص الإيمان؛ فإنه يجب أن نقاتله دفاعاً عن النفس وجوباً ؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( قاتله)) وقال: (( إن قتلته فهو في النار)) وقال: (( وإن قتلك فأنت شهيد)) لأنك تقاتل دون مالك، ودون أهلك، ودون نفسك.
والحاصل أن هناك قتالين: قتالاً للطلب؛ أذهب أنا أقاتل الناس مثلاً في بلادهم ، هذا لا يجوز إلا بشروط معينة .
مثلاًك قال العلماء: إذا ترك أهل قرية الأذان؛ وهو ليس من أركان الإسلام، وجب على ولي الأمر أن يقاتلهم حتى يؤذنوا ؛ لأنهم تركوا شعيرة من شعائر الإسلام.
وإذا تركوا صلاة العيد، وقالوا لا نصليها لا في بيوتنا، ولا في الصحراء؛ يجب أن نقاتلهم، حتى لو فرض أن قوماً قالوا: هل الأذان من أركان الإسلام؟ قلنا: لا ، ولكنه من شعائر الإسلام؛ فنقاتلكم حتى تؤذنوا. وإذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين ، مثل : قبيلتان بينهما عصبية، تقاتلا، وجب علينا أن نصلح بينهما، فإن بغت إحداهما علي الأخرى وجب أن نقاتلها،حتى تفيء إلي أمر الله،مع أنها مؤمنة، ولكن هناك فرق بين قتال الدفاع وقتال الطلب، الطلب: ما نطلب، إلا من أباح الشارع قتاله، وأما الدفاع فلابد أن ندافع.
ونرجو منكم أن تنبهوا على هذه المسألة؛ لأننا نري في الجرائد والصحف: الوطن! الوطن! الوطن! وليس فيها ذكر للإسلام، هذا نقص عظيم، يجب أن توجه الأمة غلي النهج والمسلك الصحيح، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يجب ويرضي